ما الذي يتعيَّنُ على الساسةِ الأتراك أن يتبيَّنوه بشأنِ إصرارِهم على انضمامِ بلادِهم إلى الاتحادِ الأوروبي؟

يُفاخِرُ المُعتدُّون بعقولِهم بهذا الذي هُم عليه من قدرةٍ على تبيُّنِ أيِّ السُّبُلِ هي الأصوبُ، وأيِّ الحلولِ هي الأنجعُ، وذلك بالمقارنةِ مع مَن يصِفونهم بأنَّهم “قد بخسوا عقولَهم ولم يقدِروها حقَّ قدرِها إذ آثروا أن يسمعوا لما جاءهم به من عندِ الله قرآنٌ تفصلُ بين عصرِنا هذا وعصرِ تنزُّلِه مئاتُ السنين”! وهذا إن دلَّ فإنَّما يدلُّ على أنَّ القومَ ما قدَروا القرآنَ حقَّ قدرِه إذ ظنُّوا وتوهَّموا أنَّ مَن أقامَه وواظبَ على تدبُّرِه ليس بمقدورِه أن ينظرَ إلى أحداثِ العاَلمِ نظرتَهم التي هي في ظنِّهم النظرةُ الصائبةُ الوحيدة التي تُمكِّنُ أصحابَها من أن يُحسِنوا إصدارَ الأحكامِ على كلِّ ما يعرضُ لهم من أحداث!
وفي هذا المنشور سوف آتي بمثالٍ على بطلانِ هذا الذي يزعمُ به القوم. فلطالما كان الساسةُ الأتراكُ حريصين على تقديمِ التنازلاتِ تلوَ الأخرى استرضاءً للغربِ علَّ قادتَه يوافقون على انضمامِ تركيا إلى اتحادهم الأوروبي! ولو أنَّ الساسةَ الأتراك احتكموا إلى القرآنِ، فحكَّموهُ في الأمرِ، لما كان بالعسيرِ عليهم أن يتبيَّنوا أنَّ الغربَ الذي قَبِلَ بتركيا عضواً في حلفِ شمالِ الأطلسي (الناتو) لن يقبلَ أبداً بانضمامها إلى اتحادِه الأوروبي! فالغربُ إذا كان قد قبلَ بتركيا عضواً في حلفِ الناتو، فإنَّ ذلك لم يكن لأنَّها “دولةٌ أوروبية”، ولكن لأن الأمرَ اقتضى حينها أن تُستكملَ حلقاتُ الإحاطةِ بالاتحادِ السوفيتي الذي كانت تربطُه بتركيا حدودٌ جغرافية لولاها ما كان قادةُ الغربِ ليفكِّروا في ضمِّها إلى حلفهم العسكري هذا أبداً!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s