
يتمايزُ لسانُ القرآنِ العربي المبين عن لسانِنا المعاصِر، الذي اعوجَّت عربيتُه بتقادمِ الأعوامِ والسنين، بجملةٍ من “الفروقاتِ” ليس باليسيرِ إحصاؤها. ومن هذه الفروقات، أنَّ كثيراً من كلماتِ القرآنِ العظيم يتحدَّدُ معناها بمقتضى السياقِ القرآني الذي ترِدُ خلالَه. ومن ذلك ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ الآيتَين الكريمتَين التاليتين:
1- (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ. لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ) (من 69- 70 يس).
2- (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا) (97 مريم).
فكلمةُ “يُنذِر” في الآية الكريمة الأولى لا تنطوي على ذاتِ المعنى الذي تشتملُ عليه كلمةُ “تُنذِر” في الآية الكريمة الثانية. فكلمةُ “يُنذر” في الآيةِ الكريمة الأولى تعني “ليجعلَ مَن كان حياً يختارُ اتِّباعَ سبيلِ الرشدِ أما وقد تبيَّنَ له أنَّ الإعراضَ عنه سينتهي بصاحبِه إلى الخلودِ في نارِ جهنم”.
وكلمة “تُنذِر” في الآية الكريمة الثانية تعني “لتُبشِّرَ الكافرين بما أعدَّهُ اللهُ تعالى لهم من خلودٍ في نارِ جهنم، وذلك مصداقَ قولِه تعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (138 النساء).