
نقرأُ في القرآنِ العظيم: (قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) (58- 60 الحِجر). فمَن هُم آلُ لوط؟ وهل هُم أهلُه الذين وردَ ذكرُهم في الآياتِ الكريمة التالية:
1- (قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) (32 العنكبوت).
2- (وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ. ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) (133- 136 الصافات)؟
وهل امرأةُ لوط هي من آلِه وأهلِه؟
يتكفَّلُ بالإجابة على هذا السؤال أن نتدبَّرَ الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ. إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) (33- 35 القمر).
2- (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (56 النمل).
3- (فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ. قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) (61- 62 الحِجر).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، أنَّ امرأةَ لوط لم تكن من آلِهِ الذين هم أهلُه. فـ “آلُ لوط”، وفقاً لهذه الآياتِ الكريمة، مبرَّأون مما كان يفعلُه قومُه من فعلٍ جرَّ عليهم غضبَ اللهِ الذي نزلَ بساحتِهم فأتى عليهم وأبادَهم فلم يُبقِ لهم من باقية. فامرأةُ لوط لم تكن من أهلِه وإن كانت امرأتَه: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (10 التحريم).
إنَّ كونَ امرأةَ لوط هي ليست من أهلِه، وإن كانت امرأتَه، لَيُذكِّرُنا بابنِ سيدِنا نوح الذي كان ابنَه وإن لم يكن من أهلِه: (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (45- 46 هود).
لقد نجَّى اللهُ تعالى لوطاً وآلَه من عذابِه الذي لم يُبقِ على أحدٍ من قَومِه. ولذلك فإنَّ مَن آمنَ مع لوط لم يكن غيرَ آلِه، الذين هم أهلُه، فحسب. وهذا هو ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ ما جاءتنا به سورةُ الذاريات في الآية الكريمة 36 منها: (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).