
يظنُّ البعضُ أنَّ من غيرِ الجائزِ أن يُوصفَ اللهُ تعالى بـ “الصانع”، وأنَّ الأصوبَ هو أن يوصفَ بـ “الخالق”. وهذا أمرٌ إن كان يوجبِه “منطقُ العقل”، فإنَّه ليس بالضرورةِ القولَ الفصلَ والحكمَ الصائب! فاللهُ تعالى أنبأنا في قرآنِه العظيم بأنَّه قد “اصطنَعَ” سيدَنا موسى لنفسِه: (ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى. وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) (من 40- 41 طه).
واللهُ تعالى كشفَ لنا النقابَ في قرآنِه العظيم عن حقيقةٍ مفادُها أنَّ سيدَنا موسى قد “صُنِعَ” على عينه: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (من 39 طه). وإذا كان سيدُنا موسى قد “صُنِع على عينِ الله”، فمن الذي تكفَّل بصنعه إن لم يكن هو الله؟!
ثم أنَّ اللهَ تعالى قد بيَّنَ لنا أنَّ الجبالَ هي “صنيعتُه”: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (من 88 النمل).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أنَّه لمن التعسُّفِ أن نقطعَ بعدمِ جوازِ القولِ بأنَّ “اللهَ هو صانعُ الوجود، وأنَّه تعالى هو صانعُ كلِّ موجود”. فاللهُ تعالى هو الذي “صنعَ” كلَّ شيء، وهو لذلك “الصانعُ” الذي خلقَ كلَّ شيء كما أنَّه هو الخالقُ الذي “صنعَ” كلَّ شيء.