
أمرَ اللهُ تعالى سيدَنا نوحاً بألا يخاطبَه في قومِه من بعدِ أن أنبأه بأنَّه مُغرِقُهم كلَّهم جميعاً (وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (من 37 هود). فما معنى “لَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ”؟
يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ما كان من سيدِنا إبراهيم مع اللهِ إذ شرعَ عليه السلام يجادلُ اللهَ في قومِ لوط من بعدِ أن أبلغته رسُلُ اللهِ بأمرِ اللهِ القاضي بإهلاكِهم كلِّهم جميعاً: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) (74 هود). فسيدُنا إبراهيم ألحَّ على اللهِ تعالى بأن يُنظِرَ ويُمهِلَ القومَ لعلَّهم يرعوون ويعودون عن غيِّهم. فما كان من اللهِ تعالى إلا أن أمرَه عليه السلام بأن يكفَّ عن جدالِهِ إذ لن يكونَ إلا ما قد قضى اللهُ به أن يكون: (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) (76 هود).