
تَرِدُ كلمةُ “النفس” في القرآنِ العظيم بمعانٍ عدة، ومن هذه المعاني “الإنسان”. وبهذا المعنى جاءت كلمة “نفسٍ” في قولِه تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) (7 الشمس). فاللهُ تعالى هو الذي “سوَّى النفسَ” أي هو الذي “خلقَ الإنسان”.
ويؤكد هذا ما بوسعنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية:
1- (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) (7- من 9 السجدة).
2- (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (28 -29 الحجر).
إنَّ الكلماتِ القرآنيةَ الكريمة: “سَوَّاهَا”، “سَوَّاهُ”، “سَوَّيْتُهُ” مُشتقةٌ كلُّها جميعاً من جذرٍ واحد هو “سوَّى”. ويُخطِئُ كلُّ مَن يظنُ أنَّ الإنسانَ قد اختُصَّ وحدَه بأن “سوَّاهُ” اللهُ تعالى فجعله ذلك يتمايزُ عن غيرِه من خَلقِ الله! فكلُّ خلقِ الله يشاركونَ الإنسانَ “مخلوقيَّته”، وذلك على قدرِ تعلُّقِ الأمر بالحقيقةِ التي مفادُها أنَّهم كلَّهم جميعاً قد خلقهم اللهُ تعالى.
ويؤكد هذا ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ ما جاءتنا به سورةُ البقرة في الآية الكريمة 29 منها (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم). فاللهُ تعالى هو الذي “خلقَ” السماءَ والأرض، وهو الذي “سوَّى” في السماءِ سبعَ سمواتٍ.