
يظنُّ كثيرٌ منا أنَّ “المشركين” هم قومٌ قد بادوا وانقرضوا واندرست آثارُهم من بعدِ أن حُطِّمت أصنامُهم وأوثانُهم قبل أكثر من 1400 عاماً. وهذا ظنٌّ لا دليلَ عليه من القرآنِ ولا برهان. فلقد عرَّفَ القرآنُ العظيم “المشركين” بما بوسعِنا أن نتبيَّنه بتدبُّرِ الآيات الكريمة التالية: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (من 31- 32 الروم)، (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) (من 6- 7 فصلت).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمةِ، أنَّ المشركين هم ليسوا كما يظنُّ كثيرٌ منا، وأنَّ أيَّ واحدٍ منا قد يكونُ من المشركين إن كان حالُه مع اللهِ هو حالَ مَن وصفَهم الله في هذه الآياتِ الكريمة، وأنَّ الاقتصارَ على قولِ “لا إلهَ إلا الله” لا يكفي واحدَنا حتى يُخرجَه من زمرةِ المشركين ما لم يعرض حالَه مع اللهِ على ما اشتملت عليه هذه الآياتُ الكريمة من توصيفٍ للمشركين لا انعتاقَ منه إلا بأن يكونَ حالُ واحدِنا مع اللهِ تعالى هو على الضديدِ من هذا التوصيف.
فلا يكفي المرءَ قولُهُ “لا إلهَ إلا الله” إن كان قلبُه عامراً بحُبِّ سواه! ولا يكفي المرءَ براءةٌ من المشركين إن لم يكن قولُه لا يناقضُ فِعلَه فيكونُ بذلك من أولئك الذين يمقتُهم اللهُ أكبرَ المقت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (2- 3 الصف).
فإذا أردنا حقاً ألا نُحسَبَ من المشركين، فعلينا أن نستذكرَ على الدوام ما جاءتنا به الآياتُ الكريمة أعلاه: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (من 31-32 الروم)، (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) (من 6- 7 فصلت).