مَن هو الأتقى الذي سيُجَنِّبُهُ اللهُ النارَ الكبرى؟

نقرأ في سورةِ الحُجُرات، وفي الآيةِ الكريمة 13 منها: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير). فمن هو أكرمُ الناسِ “عند اللهِ تعالى” وفقاً لما جاءتنا به هذه الآيةُ الكريمة؟ يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال تدبُّرُ قولِه تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الواردُ ذِكرُه في هذه الآيةِ الكريمة. فمَن هو “أتقى الناس” إذاً؟
يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال أن نتدبَّرَ الآياتِ الكريمةَ التالية: (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى. لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى. الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى. وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى. إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى. وَلَسَوْفَ يَرْضَى) (14- 21 الليل).
فأكرمُ الناسِ عند اللهِ هو أتقاهم له. وأتقى الناس هو “الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى. وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى. إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى”. وهذه صفاتٌ استثنائيةٌ نادرة ليس باليسيرِ على الإنسانِ أن يتحلَّى بها طالما كان الالتزامُ بها يُطالبُه بأن يُناصِبَ نفسَه العداء وأن يضطرَّها إلى ما تكرَه ويَحملَها على ما لا تهوى. وهذه الصفاتُ، الاستثنائيةُ النادرة، هي عينُ ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه في أولئك الذين امتدحهم اللهُ تعالى بقولِه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) (8- 9 الإنسان).

أضف تعليق