
نقرأ في سورةِ يوسف: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (31 يوسف). فلماذا أَرْسَلَتْ امرأة العزيز إلى نسوةٍ في المدينة “وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا” وَقَالَتِ لسيدنا يوسف “اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ”؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ قولَه تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (30 يوسف). فامرأةُ العزيز كانت تريدُ بهذا الذي فعلته، وحفظته لنا سورةُ يوسف في الآية الكريمة 31 منها، أن تُبيِّنَ لأولئك النسوة أنَّ أيَّ واحدةٍ منهن كانت لتفعلَ ما فعلته هي لو كانت مكانَها. فإذا كانت امرأةُ العزيز قد هَمَّت بِسيدِنا يوسف، فإنَّها لم تفعل ذلك بمَلكِها ولكنها فعلته مضطرةً اضطرارَهن الذي حتَّمَ عليهن أن يُقطِّعنَ أيديَهن.
لقد كشفَ اللهُ تعالى لنا في قرآنِه العظيم أنَّه “غالبٌ على أمرِه”: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (من 21 يوسف)، فمنذا الذي بوسعِه بعدَها أن يقفَ في وجهِ إرادةِ الله؟!