
الإنسانُ كائنٌ متعجِّلٌ عَجول ظلومٌ جهول: (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) (من 37 الأنبياء)، (وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) (من 11 الإسراء)، (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (من 72 الأحزاب). ولذلك ترى الإنسانَ يستبطئُ الأحداثَ طالما لم تجرِ وفق ما يشتهي! فاللهُ تعالى ما أمرنا بالصبرِ إلارحمةً منه بنا. فلو أنَّ الإنسانَ صبرَ لفقَّهَه اللهُ تعالى وكشفَ له العلةَ من وراءِ ما يراه من “تباطؤٍ” لأحداثِ الوجود.
وهذا الذي جُبِلَ عليه الإنسانُ، من تعجُّلٍ للأمورِ، يستوي فيه بنو آدم كلُّهم جميعاً، وإلا لما قرأنا في سورةِ البقرة (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ) (من 214 البقرة)، ولما قرأنا في سورةِ يوسف (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) (من 110 يوسف).
ولما كانت العجلةُ هي مما جُبِلت عليه الأنفُسُ، فإنَّ اللهَ تعالى أمرَ رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بألا يستعجلَ عذابَ الله وألا يعجلَ على قومِه بالعذاب، وأن يصبرَ حتى يقضيَ اللهُ أمراً كان مفعولاً: (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) (من 84 مريم)، (وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) (من 35 الأحقاف).
فأحداثُ هذا الوجودِ لا تجري وفقاً لمواقيتِنا، وذلك طالما كانت الساعةُ التي ينبغي أن تُقاسَ بها مواقيتُها هي ساعةَ الله وليس ساعتَنا: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (47 الحج)، (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون) (5 السجدة).