
كان كفارُ قريش يُجيبون إذا ما سُئلوا “مَن خلقَهم؟” بأنَّ “اللهَ هو مَن خلقَهم”. وهذا ما بوسعنا أن نتبيَّنه بتدبُّرِ ما حفظَه لنا قرآنُ اللهِ العظيم من قولهم: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (87 الزخرف).
ولقد توجَّهَ اللهُ تعالى إلى كفارِ قريش بما من شأنِه أن يُبيِّنَ لهم أنَّهم غيرُ صادقين فيما يقولون (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ) (57 الواقعة). فكيف يعبدونَ مع اللهِ آلهةً أخرى إن كانوا يُقِرُّونَ حقاً بأنَّ اللهَ هو مَن خلقَهم؟! فالقومُ كانوا لا يُدركون أنَّهم يُناقِضون أنفسَهم بهذا الإشراكِ منهم باللهِ تعالى.
وهذا درسٌ لنا حتى لا نُكرِّرَ أخطاءهم ولا نقعَ فيما وقعوا فيه من تناقضٍ صارخٍ بيِّن يتجلى في إعراضهم عن توحيدِ اللهِ الذي لو أنَّهم صدقوا وأخلصوا له عبادتَهم لما أشركوا به أحداً. فما أحرانا أن نكونَ من الصادقين فنعبدَ اللهَ ولا نشركَ به شيئاً ولا نكونَ كأولئك الذين كانوا يظنون أنَّهم يعبدون اللهَ وما كانوا في حقيقةِ الأمرِ له عابدين، إذ كانوا يشركون به ما ليس لهم به علم.