
طالبَ اللهُ تعالى كفارَ قريش بأن يُبرِزوا ما في أيديهم من كتابٍ سبقَ وأن أنزلَه على أحدٍ من العالَمين فيه ما يدَّعون من أنَّهم ما أشركوا إلا لأنَّ اللهَ أمرَ آباءهم بذلك وأنَّهم على آثارِهم مقتدون. ولقد تعدَّدت الآياتُ الكريمةُ التي وردت فيها مطالبةُ اللهِ تعالى هذه. ومن هذه الآياتِ الكريمة:
1- (وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) (44 سبأ).
2- (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (4 الأحقاف).
وهذا ما بوسعنا أن نتبيَّنه أيضاً بتدبُّرنا ما جاءتنا به سورةُ الروم في الآية الكريمة 35 منها (أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ). فـ “السلطان” الذي تُشيرُ إليه هذه الآيةُ الكريمة هو أيٌّ من كتبِ اللهِ تعالى التي أنزلَها على عبادِه الذين اصطفى. فهذه الآيةُ الكريمة تؤكدُ وتجزمُ بأنَّ اللهَ تعالى ما أنزلَ من كتابٍ فيه ما يدَّعي كفارُ قريش من أنَّهم ما أشركوا إلا امتثالاً منهم وانصياعاً لما أمرَهم به اللهُ.
فكلمةُ “سلطان” في القرآنِ العظيم تأتي بمعانٍ عدة من بينها “كتاب”، ومن ذلك قولُه تعالى: (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (68 يونس).