
تعهَّدَ اللهُ تعالى الإنسانَ بتبيانِ ما هو كفيلٌ بأن يُعينَه على أن يحيا دُنياهُ حياةً طيبة، وعلى ألا تكونَ النارُ مثواهُ في الآخرة. ولذلك أرسلَ اللهُ تعالى رسلَه بمنهاجٍ يكفلُ لكلِّ مَن يتَّبعُه أن يحظى بخيرِ الدنيا والآخرة. ولقد فصَّلت منهاجَ اللهِ تعالى هذا صحُفُه التي أنزلَها على عبادِه الذين اصطفى: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (18- 19 الأعلى)، (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى) (من 133 طه).
ولقد جعلَ اللهُ تعالى صحفَه الأولى حافلةً بكلِّ ما من شأنِه أن يُعينَ مَن يتدبَّرُها على أن يتبيَّنَ بلاغَها المبين الذي جعله اللهُ تعالى إنذاراً يُنبئُ بقربِ زوالِ الحياةِ الدنيا وبدنو الآخرةِ التي لن يُزحزَحَ عن نارِها، ويُدخَلَ جنَّتَها، إلا مَن اتقى اللهَ حقَّ تقاتِه وخافَه حقَّ مخافتِه وخشيَه حقَّ خشيتِه. ولذلك وصفَ اللهُ تعالى صحفَه الأولى فسمَّاها “النذُرَ الأولى” (هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى) (56 النجم).
فالقرآنُ الذي أنزلَه اللهُ تعالى على رسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم هو نَذِيرٌ لا يختلفُ في شيءٍ عن كلِّ كتابٍ سبقَ وأن أنزلَه اللهُ تعالى نذيراً للبشر (إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ. نَذِيرًا لِلْبَشَرِ) (35- 36 المدَّثِّر).