
أمرَنا اللهُ تعالى بأن نتدبَّرَ آياتِ قرآنِه العظيم (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (29 ص).
ولقد عادَ علينا إعراضُنا عن تدبُّرِ آياتِ القرآنِ العظيم بأن ظهرَ منا مَن طوَّعت له نفسُه أن يرى الباطلَ حقاً والحقَّ باطلاً،وذلك في مسعىً منه للخروجِ على الناسِ بشيءٍ جديد! وإلا فكيفَ نُعلِّلُ لما ذهبَ إليه نفرٌ منا زعموا بأنَّ إبليسَ هو ليس الشيطانَ الرجيم؟!
لقد كان يكفي هؤلاء أن يتدبَّروا ما وردَ في قرآنِ اللهِ العظيم من آياتٍ كريمة وردَ فيها إسمُ “إبليس”، وأخرى ورد فيها إسم “الشيطان”، حتى يتبيَّنوا أنَّ هذه الآياتِ كلَّها جميعاً إنما تتحدثُ عن كائنٍ واحدٍ بِعَينه وليس عن كائنين اثنين متمايزين! فإذا كان الشيطانُ هو مَن أخرجَ أبوَينا من الجنة (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) (من 27 الأعراف)، فإنَّ هذا الشيطانَ هو ذاتُه إبليس الذي أقسمَ بعزةِ اللهِ تعالى أن يُضِلَّ السوادَ الأعظمَ من بَني آدم (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ. قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ. قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (75- 83 ص).
وبذلك يتبيَّنُ لنا ألا موجبَ هنالك على الإطلاق للقولِ بما ذهبَ إليه هؤلاء الذين توهموا أنَّ إبليسَ والشيطانَ كائنان مختلفان؛ فإبليس هو الشيطانُ والشيطانُ هو إبليس أعاذنا اللهُ تعالى منه.