
نقرأ في سورةِ البقرة ما جاءتنا به الآياتُ الكريمة 35- 39 منها (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ. فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
ونحن إذ نتدبَّرُ هذه الآياتِ الكريمة، لابد لنا وأن نتساءلَ عن العلةِ من وراءِ أمرِ اللهِ تعالى لبَني آدم كلِّهم جميعاً بالخروجِ من الجنة، والهبوطِ إلى الأرض، وهم لم يشاركوا أبويَهم، آدم وزوجَه، الأكلَ من تلك الشجرة. فبنو آدم لم يكونوا قد وُلدوا بعد حتى يكونَ لهم أن يأكلوا من تلك الشجرة، فلماذا أخرجهم اللهُ تعالى من الجنةِ إذاً؟
ليس هنالك من إجابةٍ معقولةٍ منطقية على هذا السؤال. هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى فإنَّ إخراجَ بَني آدمَ كلِّهم جميعاً من الجنة لابد وأن يضطرَّنا إلى القولِ بأنَّهم لو كانوا مكان أبوَيهم، آدم وزوجِه، لما صدرَ عنهم غيرَ هذا الذي صدرَ عن أبوَيهم. فليس من المعقولِ أن نفترضَ أنَّ ما قام به آدمُ وزوجُه من أكلٍ من الشجرة لا يمكنُ أن يقومَ به كلُّ إنسانٍ من ذريَّتِهما؛ فكلُّ إنسانٍ من ذريةِ آدم وزوجِه كان ليفعلَ ما فعلاه. ولذلك فليس هنالك أيُّ ظلمٍ ينطوي عليه أمرُ اللهِ تعالى القاضي بشمولِ بَني آدم كلِّهم جميعاً بالخروجِ من الجنة والهبوطِ إلى الأرض!