
نقرأُ في سورةِ البقرة (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (38-39 البقرة).
فالإنسانُ، ومن بعدِ أكلِ أبوَيه من الشجرةِ التي نهاهما اللهُ عنها، أضحى مضطراً إلى الاختيارِ بين طريقَين لا ثالثَ لهما؛ فهو إما أن يختارَ اتِّباعَ هَدي الله، فتُكتبَ له النجاةُ من عذابِ اللهِ في دُنياهُ وأخراه، وإما أن يختارَ الإعراضَ فيتَّبعَ هواه لتكونَ عاقبتَه الخسرانُ المبين في دنياه وأُخراه.
إنَّ مستقبلَنا البشري محكومٌ بماضينا الآدمي، شئنا أم أبينا. ولن يكون بمقدورِنا أن نُفلتَ من قبضةِ هذا “الماضي الآدمي” الذي ترسَّخَت آثارُه في بُنيَتِنا حتى ما عادَ بمقدورِ مخلوقٍ أن يُعينَنا على الانعتاقِ منه. فإذا ما أردنا أن تكونَ لنا سلطةُ التحكُّمِ بمستقبلِنا البشري، دنيا وآخرة، فما من سبيلٍ لنا إلى ذلك إلا بأن نفرَّ من فورنا إلى الله ونشرعَ باتِّباعِ هداه حتى لا يكونَ مصيرُنا مصيرَ مَن أعرضَ عن الله فاستحقَّ بذلك أن يعذِّبَه اللهُ العذابين الأدنى والأكبر، في هذه الحياةِ وفي الآخرة.