
نقرأ في سورةِ البقرة، وفي الآيةِ الكريمة 257 منها: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ). فما هو هذا “النور” وما هي هذه “الظلمات” المشارُ إليهما في قولِ اللهِ تعالى هذا؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نتدبَّرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ اللهَ تعالى يُشيرُ في قرآنِه العظيم إلى ما أنزلَ من كتابٍ بـ “النور”: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) (174 النساء)، (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (من 15 المائدة)، (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (من 157 الأعراف)، (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ) (من 43 المائدة)، (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ) (من 91 الأنعام)، (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ) (من 46 المائدة).
فـ “النورُ” في قَولِ اللهِ تعالى الواردِ أعلاه هو كلُّ كتابٍ أنزلَه الله، ومن ذلك التوراةُ والإنجيلُ والقرآن.
فالذين كفروا أولياؤهم الطاغوت. و”الطاغوت” هو كلُّ مُضِلٍّ من الإنسِ والجِن يتعهَّدُ الناسَ بالإضلالِ فيلازمُهم فلا يُفارقُهم حتى يُفلِحَ في إخراجهم من “النور” الذي كانوا يستنيرونَ بهَديِهِ، وهو كتابُ الله، إلى “الظلماتِ”، والتي هي كلُّ ما ينأى بالمرءِ بعيداً عن هَدي الله.