
سمَّى اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم بيتَه بأسماءَ فصَّلتها وبيَّنتها آياتُه الكريمة ذاتُ الصلة. ومن هذه الأسماء: “البيت”، “البيت الحرام”، “المسجد الحرام”، “البيت المُحرَّم”، و”البيت العتيق”.
وفي هذا المنشور سوف أتحدثُ إن شاء الله عن العلةِ من وراءِ تسمية بيت الله الحرام بـ “البيت العتيق”. فأولُ بيتٍ وضعه اللهُ تعالى للناسِ هو ذاك الذي وردَ ذكرُه في الآيةِ الكريمة 96 من سورة آل عمران (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ). ولقد سمَّاهُ اللهُ تعالى “أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ”، وذلك لأنَّه البيتُ الذي أمرَ اللهُ تعالى أبانا آدم أن يشرعَ ببنائِه ما أن استتبَّ له الأمرُ في الأرضِ التي أعادَه إليها من بعدِ أن أخرجَه من الجنة.
وهذه هي العلةُ أيضاً من وراءِ تسميةِ القرآنِ العظيم لأولِ بيتٍ وُضِعَ للناس بـ “البيت العتيق” (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ. ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ. ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب. لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (29- 33 الحج).
ولقد شهِدَ البيتُ العتيق من إعراضِ الناسِ عنه ما جعلَ الوصولَ إليه متعذراً من بعدِ انقضاءِ آلافِ السنين على بناءِ سيدِنا آدمَ له، حتى دلَّ اللهُ تعالى عليه سيدَنا إبراهيم ويسَّرَ له سبيلَ الوصولِ إليه وعرَّفَه بمكانِه العتيق (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود) (26 الحج).