
يُعيبُ كثيراً من الناسِ تعجُّلُهم في النُّطقِ بالأحكامِ حتى وإن كان واحدُهم حديثَ عهدٍ بالموضوعِ الذي تُثارُ حولَه الإسئلةُ فيسارعُ إلى إصدارِ هكذا أحكامٍ لا يؤيِّدُها نَصٌّ من آياتِ القرآن!
فامرأةُ العزيز قد حُكِمَ عليها من قِبَلِ أكثرِنا بما جعلَ منها مثالاً للمرأةِ الشهوانية التي لا تتورَّعُ عن الإقدامِ على أيِّ شيءٍ يُتيحُ لها الوصولَ إلى مُرادِها! وهذا ظلمٌ لا ينبغي لمن كان لقرآنِ اللهِ العظيم من المتدبِّرين. فلو أنَّنا تدبَّرنا ما جاءتنا به سورةُ يوسف، وفي الآيةِ الكريمة 31 منها تحديداً، لتبيَّنَ لنا أنَّ امرأةَ العزيز لم يكن لها إلا أن تفعلَ ما فعلت أما وقد قدَّرَ لها اللهُ تعالى أن تكونَ على مقربةٍ من سيدِنا يوسف الذي ألقى اللهُ تعالى عليه محبةً منه فاقت تلك التي سيُلقِيها من بعدُ على سيدِنا موسى؛ محبةً لا تملكُ حِيالَها أيُّ امرأةٍ غيرَ أن تفعلَ ما فعلته امرأةُ العزيز (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (30- 31 يوسف).