
لماذا وصفَ القرآنُ العظيم اللهَ تعالى بأنَّه “الأعلى”؟ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (1 الأعلى)، (وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى. إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) (19- 20 الليل).
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ قولَ اللهِ تعالى في ملائكتِه الكرام: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (49- 50 النحل). فاللهُ تعالى هو “فوق” الملائكةِ الكرام. ولما كان السوادُ الأعظمُ من الملائكةِ قد بثَّهم اللهُ تعالى في عمومِ أرجاءِ السمواتِ، فإنَّ هذا يلزمُ عنه وجوبُ أن يكونَ اللهُ تعالى فوقَ السمواتِ التي قالَ القرآنُ العظيم فيهن (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (5 الشورى).
فالسمواتُ تكادُ يتفطَّرن من فوقهن، أي يتفطَّرونَ من الذي فوقهن وهو اللهُ تعالى. فاللهُ تعالى هو “الأعلى” لأنَّه فوق السموات وفوقَ الملائكةِ الذين هم في السموات. ولأنَّ السمواتِ هن فوق الأرض، فإنَّ اللهَ هو الأعلى إذ لا يوجدُ مَن هو أعلى منه تعالى.