هل هناكَ شفاعةٌ في الحياةِ الدنيا؟

يظنُّ كثيرٌ منا أنَّ الشفاعةَ شأنٌ من شؤونِ الآخِرة، وأن ليس هناك من شفاعةٍ في هذه الحياةِ الدنيا. فنحن نقرأُ آياتِ القرآنِ العظيم دون تفكُّرٍ ولا تدبُّر ظناً منا بأنَّ الأمرَ لا يقتضي منا غيرَ أن نقرأ هذه الآيةَ الكريمةَ أو تلك من دونِ أن يَعِنَّ لنا أن نتقصَّى مواطنَ ورودِها الأخرى! وهذا التقاعسُ من جانبِنا عن إيلاءِ تدبُّرِ القرآنِ العظيم ما يستحقُّ من جهدٍ ومتابعةٍ قد نجمَ عنه ما انتهى بنا إلى الوقوعِ على غيرِ ذي المعنى الذي تنطوي عليه الكثيرُ من آياتِه الكريمة. ومن ذلك ظنُّنا بأنَّ اللهَ تعالى قد قصَرَ الشفاعةَ على الآخرة فلم يجعل لأحدٍ من عبادِه نصيباً منها في هذه الحياةِ الدنيا! وهذا ظنٌّ قد أفضى بنا إلى القولِ بغيرِ ما يقولُ به قرآنُ اللهِ العظيم.
صحيحٌ أنَّ كثيراً من “آياتِ الشفاعة” في القرآنِ العظيم قد وردت في سياقاتٍ ذاتِ صلة بوقائعِ وأحداثِ يومِ القيامة: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) (48 البقرة)، (يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا) (109 طه)، إلا أن هذا لا ينبغي أن يجعلَنا نَعجلُ في الأمرِ فنسارِع إلى الجزمِ بألا شفاعةَ هناك في هذه الحياةِ الدنيا!
فإن نحن قُلنا بأنَّ الشفاعةَ مقصورةٌ على الآخرة، فإنَّ ذلك سيتعارضُ مع ما جاءتنا به الآياتُ الكريمةُ التالية:
1- (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى) (26 النجم).
2- (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ. لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (26- 28 الأنبياء).
3- (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (من 255 البقرة).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s