
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (67 البقرة).
قالَ سيدُنا موسى لقومِه إن اللهَ يأمرُهم أن يذبحوا بقرةً، فما كان منهم إلا أن شَرَعوا في سلسلةٍ متصلةٍ من جدالٍ قصدوا من ورائه أن يتبيَّنو إن كان هو حقاً كما يزعم بأنَّه نبيٌّ مُرسَلٌ من عندِ الله. وكان مبتدأَ جِدالِهم أن قالوا له عليه السلام “أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا” (أي “أتستهزئُ بنا”؟)، فما كان من سيدِنا موسى إلا أن دحض زعمَهم هذا بقولِه “أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ”. وبذلك فلقد قطعَ سيدُنا موسى الطريقَ على قومِه وحالَ دون أن يكونَ لهم ما أرادوا، فقال لهم ما قال وبيَّنَ لهم بهذا المقال أنَّه ما كان ليفترِيَ على اللهِ الكذبَ فيخبرَهم بشيءٍ لم يأمره به اللهُ تعالى فيكون بذلك من الجاهلين الذين لا يتورَّعون عن الافتراءِ على اللهِ الكذب. فالجاهلون لا يُريدونَ أن يُصدِّقوا بأنَّ عاقبةَ من يَفتري على اللهِ الكذبَ هي الخسرانُ المبين في الدنيا والآخرة (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (69- 70 يونس).