
ذهبَ كثيرٌ من المفُسِّرين في تفسيرِ آيةِ العنكبوت مذاهب شتى (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (41 العنكبوت). ويكفينا حتى نتبيَّنَ المعنى الذي تنطوي عليه هذه الآيةُ الكريمة أن نستذكرَ حقيقةً بشأنِها مفادُها أنَّها جاءت في سياقِ تفنيدِ اللهِ تعالى لعقيدةِ المشركين.
فالمشركون، إذ يظنون أنَّهم قد أصبحوا في حصنٍ حصين وحرزٍ حريز بإشراكهم باللهِ تعالى ما لم ينزِّل به من سلطان، قد فاتهم أن يتبيَّنوا أنَّهم بذلك لا يختلفون في شيءٍ على الإطلاق عمَّن يظنُّ أنَّ العنكبوتَ قد اتَّخذت لها بيتاً تأوي إليه وتسكنُ فيه، وما هذا البيتُ في حقيقةِ الأمرِ إلا مصيدةٌ تصطادُ بها ما تعجزُ عن اللحاق به من فرائسِها! وهذا هو عينُ ما عليه الحالُ مع المشركين الذين يظنون أنَّهم قد أصبحوا بإشراكهم على شيء وما هم على شيء، إذ أنَّ مَن استعانوا بهم فظنوا أنَّهم أولياءٌ لهم ما هم إلا ألدُّ أعدائهم، وذلك لما سيعودُ عليهم به اتِّباعُهم لهم من خُسرانٍ مُبين في الدنيا والآخرة.