
من عظيم فضلِ اللهِ تعالى على رسولِه الكريم “الرؤى” التي أُريها صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم ثم سُرعان ما أن صدَقَه اللهُ تعالى إياها. ومن هذه الرؤى الجليلة رؤيا “فتح مكة” (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) (من 27 الفتح).
ولقد جاءتنا سورةُ الإسراء بنبأِ رؤيا أخرى أرى اللهُ تعالى سيدَنا محمد صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم إياها وجعلها فتنةً للناس (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (من 60 الإسراء). فلقد رأى سيدُنا محمد صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم نفسَه وهو يُسرى به ليلاً من المسجدِ الحرام إلى المسجدِ الأقصى ثم عُرِج به بعدها إلى السموات العُلا ومنها إلى جنةِ المأوى. وفي الصباح تحدث صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم عن رؤياه هذه فصدَّقه مَن صدَّقه وكذَّبه مَن كذَّبَه، ولذلك كانت “رؤيا الإسراءِ والمعراج” فتنةً للناس. ولأنها كانت رؤيا، فلقد كان حقيقاً على اللهِ وحقاً أن يُحقِّقَها ويَصدُقَ رسولَه صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم هذه الرؤيا.
وهكذا فلقد أسرى اللهُ تعالى بعبدِه صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم ليلاً من المسجدِ الحرامِ إلى المسجد الأقصى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (1 الإسراء)، ثم عرَجَ اللهُ به صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم إلى السموات العُلا ومنها إلى جنةِ المأوى حيث سدرةِ المنتهى (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (6 -18 النجم). وبذلك فلقد حقَّقَ اللهُ تعالى لرسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم “رؤيا الإسراءِ والمعراج” وجعلها حقيقة.
ومن رُؤى سيدنا محمد الأخرى التي أراه اللهُ تعالى إياها “رؤيا جهنم والجنة”، حيث رأى صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم نارَ الآخرةِ وجنَّتَها في هذه الحياةِ الدنيا رأيَ العين وهما لمَّا تُخلقانِ بعد. وهذه الرؤيا سيصدُقُ اللهُ رسولَه الكريم إياها كما سبق وأن صدَقَه صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم رؤاه الأخرى (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا) (من 7 الحج)، (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) (87 النساء).