لماذا لم يُقدِّرِ اللهُ تعالى لِأحَدٍ من خَلقِه أن يعلَمَ تأويلَ ما تَشابَهَ من قرآنِه العظيم؟

أنزلَ اللهُ تعالى على سيِّدِنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم الكتابَ قرآناً فيه آياتٌ مُحكَماتٌ وأُخَرُ مُتشابهات (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَات) (من 7 آل عِمران). ولقد يسَّرَ اللهُ تعالى آياتِ قرآنِه المُحكَمات للذكرِ فلم يجعل تأويلَها مُستعصياً على أحَدٍ من العالَمين إن هو تدبَّرَها بلسانِها العربي المُبين الذي أُنزِلَت به. أما ما تشابَهَ من قرآنِه العظيم، فلقد حَجَرَ اللهُ تعالى تأويلَه على ذاتِه الشريف فلم يُمكِّن من هذا التأويلِ أحداً من العالَمين: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) (من 7 آل عمران).
وهذه هي العِلةُ من وراءِ استعصاءِ ما تشابَهَ من قرآنِ اللهِ العظيم على التأويلِ. فاللهُ تعالى قد قالها في قرآنِه العظيم (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) (من 85 الإسراء).
ولقد شاعَ فينا وذاعَ ظنٌّ فاسدٌ مفادُه أنَّ هناك من العالَمين فئةً بمقدورِها أن تعلمَ تأويلَ ما تشابَه من قرآنِ اللهِ العظيم! وهذا ظنٌّ يتعارضُ مع صريحِ نَصِّ قرآنِ اللهِ العظيم (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ). فما الذي حدا بالقومِ إلى التجاسُرِ على قرآنِ اللهِ العظيم بهذا الظنِّ الفاسِد؟
يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ما يقومُ به كثيرٌ منا، ممَّن لا يُحسِنون قراءةَ القرآنِ العظيم، من استرسالٍ في القراءةِ دون ضوابطَ ولا مُحدِّدات! فكثيرٌ منا يقرأُ قولَه تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) قراءةً مسترسلةً دون توقُّفٍ بعد “وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ”. ولو أنَّ القومَ قرأوا قَولَه تعالى هذا مُتقيِّدين بضوابطَ ومُحدِّداتِ لسانِ القرآنِ العربي المبين، لَحالَ ذلك دونَ أن يقعوا في محظورِ القول بما لم يقُله القرآنُ العظيم، ولَقرأوا قولَ اللهِ تعالى قراءةً منضبطةً لا تَحيدُ بصاحِبِها عن جادةِ الحق. فـ “الراسخون في العِلم” لم يُقدَّر لهم أن يَعلموا تأويلَ ماتَشابهَ من قرآنِ اللهِ العظيم حتى يُقرأَ قَولُ اللهِ تعالى بهذه الصورةِ الخاطئة (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ). فالقراءةُ المنضبطةُ هي بأن تُقرَأَ الآيةُ الكريمة 7 آل عمران كما يلي: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ)، (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s