
مَن هُم “أهلُ العِلم” الواردُ ذِكرُهم في قَولِ اللهِ تعالى “وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ” (من 54 الحَج)؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ السياقَ الذي وردَ خلاله قولُ اللهِ تعالى هذا. فلقد وردَ في سورةِ الحج ما مفادُه أنَّ اللهَ تعالى نسخَ ما كان يُلقِيه الشيطانُ، وذلك ليُحكِمَ آياتِه، وذلك كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآياتِ الكريمة 52-54 من هذه السورةِ الشريفة.
فاللهُ تعالى إذ “يُحكِمُ آياتِه”، وذلك من بعدِ أن ينسخَ ما يُلقي الشيطان، فإن في ذلك ما بمقدورِه أن يجعلَ “الذين أوتوا العلمَ” يؤمنون بأنَّ ما جاءهم به مَن أرسلَه اللهُ تعالى مُصدِّقاً لما معهم من الكتاب إنما هو الحقُّ من ربِّهم. وهذا يُذكرُنا بما كان من أمرِ علماءِ أهلِ الكتاب الذين وجدوا فيما جاءهم به سيدُنا محمد صلى اللهُ تعالى عليه وسلم من تحديدٍ لعددِ الملائكةِ الذين أوكلَ اللهُ تعالى إليهم أمرَ تعذيبِ الكافرين في نارِ جهنم هو تسعة عشر، ما يُبرهنُ على أنَّه صلى الله تعالى عليه وسلم هو رسولُ اللهِ حقاً (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ. لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ. عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ. وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) (26- من 30 المدثِّر).