
لذِكرِ اللهِ تعالى من عظيمِ الفائدةِ للذاكرِ ما يتجلَّى عليه تزكيةً لنفسِه تُمكِّنه من إحكامِ سيطرتِه عليها حتى لا يعودَ بمقدورها أن تضطرَّه إلى ما نَهاهُ اللهُ عنه من الغفلةِ عنه والإعراضِ عن ذكرِهِ. فالغافلُ عن ذكرِ الله إنما يُمكِّنُ نفسَه منه تمكيناً يجعلُها تجنحُ به بعيداً عن الإخلاصِ في عبادتِه لله تعالى، وبما يجعلُه يزدادُ إيغالاً في الجمعِ بين نقيضَين ما اجتمعا في قلبِ رجلٍ إلا وانتهى به الأمرُ إلى تغليبِ الباطلِ على الحق. وهذان النقيضانِ هما: “العبادةُ خالصةً لوجه الله”، و”العبادةُ التي يخالطها رئاءُ الناس”.
ولقد فصَّلت الآية الكريمة 142 من سورة النساء وبيَّنت حالَ المنافقين مع اللهِ تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا). فعلامةُ المنافقِ إذاً بالإمكانِ تحديدُها بهذا الذي هو عليه من كسلٍ وفتورٍ يجعلانه لا يسارعُ إلى الصلاة، وإذا ما قام إليها أدَّاها رئاءَ الناس، ولا يذكرُ اللهَ إلا قليلاً.