
بعثَ اللهُ تعالى في “الأُميين” رسولاً “منهم”، أي “من أنفسِهِم”، بمعنى أنَّه ليس بغريبٍ عنهم، وأنَّ لسانَه هو لسانُهم العربيُّ المبين (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (٢ الجمعة).
فسيِّدُنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم كان “أُمياً”، بمعنى أنه كان من هؤلاء “الأُميين” الذين أَمَرَهُ اللهُ تعالى بأن يتوجَّهَ إليهم، وإلى أهلِ الكتابِ من غيرِ الأميين، بخطابٍ نَصَّت عليه الآيةُ الكريمة ٢٠ آل عِمران (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).
و”الأُميون” هم ذريةُ سيدِنا إسماعيل الذين سكنوا مكةَ المكرمة. ولقد سمَّاهم “الأُميين” أهلُ الكتابِ من بَني إسرائيل، وذلك في إشارةٍ منهم إلى أنهم وإن كانوا من نسلِ سيِّدِنا إبراهيم، فإنهم ليسوا أنداداً لهم ولا أمثالَهم ولا نظراءهم، وذلك طالما أنهم لم يكونوا من نَسلِ السيدة سارة زوجِ سيدِنا إبراهيم. فالأميُّون هم ذريةُ سيدِنا إسماعيل إبنِ سيدِنا إبراهيم وزوجِه السيدة هاجَر التي كانوا ينظرُون إليها على أنها جاريةُ السيدة سارة و”أَمَتُها”.
يتبينُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أن “الأُمي” هو ليس الذي لا يعرف القراءةَ والكتابة، كما شاعَ فينا وراج، ولكنه “العربي” من ذريةِ سيدِنا إسماعيل الذي هو إبن سيدنا إبراهيم والسيدة هاجر.