
نقرأُ في قرآنِ اللهِ العظيم أنَّ أبوَينا، آدمَ وزوجَه، ما أن ذاقا الشجرةَ التي نهاهما اللهُ عنها حتى “بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ”. فما الذي حدثَ فجعلَ آدمَ وزوجَه يُسارعانِ إلى تغطيةِ بدَنَيهما بِورقِ الجنة؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكِرَ الغايةَ التي من أجلِها يرتدي بنو آدمَ الملابسَ والثِياب. فنحن، ومن قبلِ أن تُصبِحَ الملابسُ والثيابُ عنواناً من عناوينِ التباهي والتفاخُرِ والتكاثر، كنا نُداري البردَ ونحتمي منه بما نضعُه على أبدانِنا من رِقاعِ جلودِ الحيوان وصوفِهِ ووَبَرِهِ وفَروِه. وهذا هو عينُ ما حدثَ لأبوَينا في الجنةِ من بعدِ أن تسبَّبَ أكلُهُما من شجرتِها، التي نهاهما اللهُ عنها، في جعلِهما يفقدانِ ما كان يُغطِّي بدَنَيهِما من شعرٍ كثيفٍ أصبحا من بعدِ زوالِهِ عارِيَين، مما اضطرهما إلى أن يخصِفا عليهما من ورقِ الجنة علَّ ذلك أن يُشعِرَهما بالدفء.
وبذلك أصبح بنو آدم مضطرين إلى ارتداءِ الملابسِ والثياب من بعدِ أن تسبَّبَ أكلُ آدم وزوجه من تلك الشجرة في جعلِ أبدانِهم عاريةً من غطائها الشَّعري إلا قليلا (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا) (من ٢٦ الأعراف).