
هل الكونُ شريرٌ أم خَيِّر؟ وهل ينتشرُ الشَّرُّ في الكونِ انتشارَ الخيرِ فيه؟ وهل تواجدُ الشَّرِّ في الكون يُكافِئُ تواجُدَ الخيرِ فيه؟ وهل سيَختَلُّ نظامُ الكونِ حقاً إن رجحَت كفَّةُ أحدِهما على الآخر؟ وهل وجودُ الشَّرِّ ضروريٌّ حقاً حتى يُعرَفَ به الخيرُ إذ هو نقيضُهُ وضديدُه؟
أسئلةٌ لن ينتهيَ بنا البحثُ عن أجوبةٍ لها إلى ما يشفي الغليلَ إن نحن التجأنا إلى كتبِ الفلسفاتِ والعقائدِ والمذاهبِ التي افترقَ بها السوادُ الأعظمُ من بَني آدم مِلَلاً ونِحَلاً وطوائفَ ومذاهبَ شتى! وحدَهُ قرآنُ اللهِ العظيم الذي جاءنا بالإجابةِ على هذه الأسئلةِ بكلماتٍ تشعُّ حكمةً بالغة هي الحقُّ وفصلُ الخِطاب، إذ كشفَ لنا بها النِقابَ عن حقيقةِ العلاقةِ بين الشَّرِّ والخيرِ في هذه الحياةِ الدنيا فأبانَ لنا عن أنَّ الخيرَ يعمُّ الوجودَ خلا بقعةٍ متناهيةٍ في الصِغَر هي أرضُنا هذه التي قُدِّرَ للإنسانِ أن يحيا فيها إلى أجَلٍ مسمى. فالإنسانُ هو المخلوقُ الوحيدُ الذي خيَّرَهُ اللهُ تعالى بين فِعلِ الشرِّ وفِعلِ الخَير، فاختارَت الغالبيةُ العظمى من بَنيهِ فِعلَ الشرِّ على فعلِ الخير!
فحتى الشيطانُ، وقبيلُه من شياطينِ الجن، لم يأذنِ اللهُ تعالى له بأن يَصدُرَ عنهُ من الشَّرِّ إلا بالقَدرِ الذي يقتضيهِ الأمرُ حتى يُضِلَّ مَن اختارَ ألا يهتدِيَ بِهَدي اللهِ تعالى.