
تحدثَ اللهُ تعالى في قرآنه العظيم عن طائفةٍ من ملائكته الكرام سماهم الملائكةَ المقربين: (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا) (١٧٢ النساء).
وهؤلاء الملائكةُ المقربون هم الذين تشير إليهم الآيات الكريمة التالية:
1- (إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) ٢٠٦ الأعراف.
2- (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ) (٣٨ فصلت).
3- (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُون) (١٩ الأنبياء).
إذاً فالملائكةُ المقربون هم طائفةٌ من الملائكةِ قرَّبهم اللهُ تعالى فذكر أنهم “عنده”.
ولقد تحدث القرآن العظيم عن طائفةٍ من عبادِ الله الصالحين المخلصين وذلك في الآية الكريمة ١٦٩ من سورة آل عمران: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
يتبين لنا، وبتدبر ما تقدم، أن الملائكةَ المقربين والشهداءَ هم سواء وذلك على قدر تعلق الأمر بقُرباهم من الله تعالى؛ هذه القربى الشديدة التي جعلتهم يوصفون بأنهم “عند الله”.
ولكن أين هذا المكان الذي هو “عند الله” وعلى مقربةٍ من الله؟
يُعين على الإجابة على هذا السؤال أن نستذكر أن الجنةَ التي أمرَ اللهُ أبانا آدمَ بأن يسكنها هو وزوجه كان فيها ملائكةٌ هم الذين أمرهم الله تعالى بأن يسجدوا لآدمَ، وأن تلك الجنةَ هي ذاتها التي جعلها الله تعالى مأوى ومثوى الشهداء الأبرار حتى تقومَ الساعة. ولكن ماذا يعني هذا؟
إن هذا يعني أن “عند الله” هو هذه الجنةُ التي عرفها الله تعالى في سورة النجم بأنها “جنةُ المأوى”: (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ . عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ) (١٤-١٥ النجم).
أما لماذا كانت “جنة المأوى” هي “عند الله” فإن ذلك يعود الى أن هذه الجنة هي أقرب مخلوقاتِ الله الى عرشِ الله.