
أيَّدَ اللهُ تعالى سيدَنا عيسى بسيدِنا جبريلَ روحِ القُدُس (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) (من ١١٠ المائدة).
ومن تجلياتِ تأييدِ اللهِ تعالى لسيدِنا عيسى بروحِ القُدُس سيدِنا جبريل، أنَّ ذلك جعلَ بمقدورِهِ عليه السلام أن يُبرِئَ الذين كانوا تتخبَّطُهُم الشياطينُ من المَس؛ فالشياطينُ لا قدرةَ لها على الصمودِ في حضورِ سيدِنا جبريل عليه السلام. ولقد برهنت وقائعُ الأحداثِ ومُجرياتُ الأمورِ، منذ قديمِ الزمانِ وحتى زمانِنا هذا، على أنَّ محاولاتِ إبراءِ “الممسوسين” كلَّها جميعاً قد انتهت إلى إخفاقٍ ذريع ما لم يأذنِ اللهُ تعالى بحضورِ ملائكتِهِ الكرام؛ هذا الحضورُ الذي قيَّدَهُ اللهُ تعالى فجعله مشروطاً بشرائطَ ومُحدِّداتٍ أجملَتها لنا وفصَّلتها سورةُ فُصِّلت في الآيتين الكريمتين ٣٠- ٣١ منها (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ). فلقد جعلَ اللهُ تعالى ملائكتَه الكرام أولياءَ للذين قالوا ربُّنا اللهُ ثم استقاموا. وموالاةُ ملائكةِ اللهِ الكرام لعبادِهِ الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، هي وحدَها ما بمقدورِهِ أن يتكفَّلَ بِطردِ شياطينِ الجن الذين يقِفون من وراءِ ظواهرِ المَسِّ والاستحواذ، والعياذُ بالله.
ولقد حفظَ لنا المأثورُ الشعبي قولاً، تناقلته الأجيالُ جيلاً بعد جيل، مفادُه “إذا حضرت الملائكةُ فرَّت الشياطين”.