في عِلَّةِ التلازُمِ القائمِ بين الحُبِّ والعذاب

لا قيامَ للحبِّ دون أن يُمازِجَهُ العذابُ ويخالِطَه ممازجةَ الملوحةِ لماءِ البحر ومخالطةَ ضياءِ الشمسِ لنورِ القمر.
وهذا التلازمُ الضرورةُ بينَ الحُبِّ والعذاب حقيقةٌ من حقائقِ وجودِنا البشري التي لا قدرةَ للعلمِ على التعليلِ لها! وما إخفاقُ العلمِ في التعليلِ لهذا التلازُمِ القائمِ بين الحبِّ والعذاب بالعسيرِ على الفهمِ والتفسير. فالعلمُ مُوقِنٌ بأنَّ الإنسانَ بَدَنٌ ليس إلا! وإن نحن وافقنا العلمَ فيما ذهب إليه، فسوف ينتهي بنا الأمرُ لامحالة إلى مشاركتِهِ عجزَهُ هذا! وحدَه دينُ اللهِ تعالى مَن بمقدورِهِ أن يُقدِّمَ لنا التعليلَ الصائبَ لهذا التلازُمِ القائمِ بين الحبِّ والعذاب.
فإذا كان الحبُّ يعودُ في أصولِهِ إلى ما يعتملُ في أبدانِنا من جذورٍ ذاتِ صلةٍ بماضينا الترابي القديم، فإنَّ العذابَ الذي يأبى أن يُفارِقَهُ يرجِعُ إلى “النفس” التي قُدِّرَ لكيانِ الإنسانِ أن يُعانِيَ الأمرَّين جراءَ ممازجتِها له. وهنا يُطِلُّ علينا من جديد ما حبا اللهُ تعالى به دينَه القويم من تفوقٍ معرفي على العلم الذي لا يُقِرُّ بأنَّ للإنسانِ نفساً تُخالِطُ بَدَنَهُ هي المسؤولةُ عن جميعِ معاناتِهِ وعذاباتِه. فالعلمُ لا يرى إلا ما هو قُدَّامَه، وطالما كانت النفسُ متواريةً عن أنظارِهِ، فإنه سوف يبقى غارقاً في مستنقعِ عجزِه عن التعليلِ الصائبِ لكلِّ ما يعتورُ الإنسانَ من ظواهرَ ومظاهرَ مبعثُها نفسهُ الأمارةُ بالسوء!

أضف تعليق