
حذَّر اللهُ تعالى في قرآنه العظيم الذين آمنوا من مغبةِ التجاسر على حدودِ الله (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (من 229 البقرة)، (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (14 النساء)، (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (من 1 الطلاق).
ولقد سمَّى القرآنُ العظيم أولئك الذين يتعدون حدود الله ب “العادِين”: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (5-7 المؤمنون).
ولقد سمَّى اللهُ تعالى طائفةً من ملائكتِهِ الكرام ب ”العادِّين”: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ . قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ) (112-113 المؤمنون). وهؤلاء “الملائكة العادُّون” هم المكلفون باحتساب “الزمان المتبقي” حتى تقومَ الساعة. صحيحٌ أن الله تعالى هو من يَعدُّ الزمان ويحتسبه احتسابا: (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) (84 مريم)، إلا أن ذلك لا يُجوِّزُ لنا أن نظن أن هذا العَدَّ والاحتسابَ لا ينبغي لمن أمرَه الله تعالى بأن يفعل ذلك بإذنه. فالله تعالى هو من يتوفى الأنفس حين موتها: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) (من 42 الزمر). واللهُ تعالى هو من أمرَ “مَلَكَ الموت” بأن يتوفى بني آدمَ (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (11 السجدة). والله تعالى هو من أمرَ رُسُلَه بأن يتوفوا الإنسان إذا جاءه الموت (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ) (من 61 الأنعام).