
يتوسعُ كثيرٌ منا في تفسيرِ ما وَرَدَ في النص القرآني المقدس من آياتٍ كريمةٍ توسعاً ينأى بنا بعيداً عن “المعنى المحدد” الذي تنطوي عليه هذه الآيات! فالله تعالى حدد المعنى الذي تنطوي عليه نصوصُ قرآنه العظيم تحديداً إن نحن حُدنا عن التقيد بما تمليه علينا وتَفرضُه حدودُه الإلهية ترتب على ذلك، لا محالة، وجوبُ أن نخرجَ ب “تصوراتٍ” عن القرآن العظيم لن ينجم عنها إلا كلُّ ما من شأنه أن يجعلَنا من أولئك الذين توهموا الباطلَ حقاً والسرابَ حقيقة!
ومن بين الأمثلةِ التي بالإمكان سَوقُها على ذلك ما انتهى بنا إليه توسُّعُنا في تفسير ما جاءتنا به سورة البقرة في الآية الكريمة 255 منها: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ). فبموجبِ هذا التوسع الجائر ألحقنا بمن قَصَرَت هذه الآيةُ الكريمة الشفاعةَ عليه “آخرين” دون وجه حقٍ ومن دون أي دليلٍ أو برهان! فالآيةُ الكريمة: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) تخصُ الملائكةَ حصراً. وهذا ما بوسعنا ان نتبينه بتدبر ما جاءتنا به سورةُ النجم في الآية الكريمة 26 منها: (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ).
ويؤيدُ هذا الذي انتهيتُ إليه ما جاءتنا به سورةُ الأنبياء في الآيات الكريمة 26-28 منها: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ. لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ . يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ).