
عبثاً يحاول، ومن دون أيِ جدوى، أولئك الذين يظنون أن بمقدورهم أن يقرأوا قرآن الله العظيم دون تدبرٍ أن يتحرروا من النفاق! وما ذلك إلا لأنهم، وكحال من سبقهم من منافقي الأمم الغابرة، يؤمنون ببعض ما أنزل اللهُ تعالى من الكتاب ويكفرون ببعض: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (من 85 البقرة).
وإلا فكيف لنا أن نعلل لهذا الذي يدأب عليه مَن انتدبوا أنفسهم مدافعين ومنافحين عن حومة دينِ الله تعالى، من شن الغارةِ تلو الأخرى على كل من جاهرَ بمناصرَته ل “حقيقة التطور” وذلك بحجةٍ داحضةٍ واهية مفادُها أن القول بهذه الحقيقةِ يلزم عنه وجوبُ القولِ بأن لا حاجة هنالك على الإطلاق للقولِ ب “وجودِ الله”؟!!!
ويُسفِرُ النفاقُ هنا عن وجهه البشعِ القبيح بهذه “التفرقةِ” غيرِ المنصفةِ بين “قوة التطور” وغيرِها من “قوى الطبيعة”؛ هذه القوى التي لا يجد هؤلاءِ أيَّ غضاضةٍ في الإيمان بها قوىً فاعلةً في الوجود لا ضير هنالك البتة في القبول بها والتحدث عنها دون أن يكون في ذلك أيُ حرجٍ بالمطلق!!!
فكيف يستقيمُ ويستوي أن يؤمن هؤلاء النفرِ، ممن نصبوا أنفسهم دون وجه حقٍ حماةً لدين الله تعالى، ب ” قوة الجاذبية” وب “القوة الكهربائية – المغناطيسية” وب “القوة النووية الضعيفة والقوية” وبالقوى “الكيميائية” و”الجيولوجية”، من دون أن يكون في إيمانهم بهذه القوى مجتمعةً ما يُعيب ويُشينُ إيمانهم بالله تعالى، في ذات الوقت الذي يطالبون من يؤمن ب “قوة التطور” أن يكف عن الإيمان بها، متذرعين بأن هذا الإيمانَ سيزُجُّ بصاحبه في نارِ جهنم خالداً فيها أبدا؟!!!
أفلا يستدعي الكفرُ ب “قوة التطور” وجوب الكفرِ بغيرها من “قوى الطبيعة” كهربائيةً كانت أم نووية؟!!!
لقد كشف لنا القرآن العظيم النقابَ عن واحدةٍ من أعظم حقائق الوجود؛ ألا وهي (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) (من 165 البقرة)، وأن ( لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ) (من 39 الكهف)، وأن اللهَ هو (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (من 58 الذاريات).
فلا “قوة التطور” بقادرةٍ على أن تفعل فِعلها إلا بمددٍ من الله، ولا “قوةَ الجاذبية” بمقدورها أن تفعل فعلها إلا بالله. وينسحب هذا على “قوى الطبيعة” كلِّها جميعا.
فما الذي وجده هؤلاء “الفرسان المنافقون” في “قوة التطور” حتى ينبروا لكل من يقول بها بالتكفير وهي قوةٌ لا فرق بينها وبين “قوى الطبيعة ” طالما كانت كلُها جميعاً لا تفعلُ فِعلها إلا بالله؟!!!!!