
ما الذي جعل سيدَنا يوسفَ يستحقُ أن يصفَه الله تعالى بأنه من عبادِه المُخلَصِين: (كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (من 24 يوسف)؟
ومَن هُم عبادُ الله المُخلَصون الذين ورد ذكرهم في سورة الحجر: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (39-40 الحجر).
وكيف يكون الواحدُ منا من عباد الله المُخلَصين هؤلاء، والذين ذكرت لنا سورة الصافات بعضاً مما أعده الله تعالى لهم من عظيم الجزاء في الآخرة (إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ. أُولَٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ. فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ. فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (40-43 الصافات)؟
وبماذا أُختُصَّ أولئك الذين أنجاهم الله من عذابه المهين (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ. فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ ، إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِين) (72-74 الصافات).
يُعين على الإجابة على هذه الأسئلة جميعاً أن نستذكر ما جاءتنا به سورة ص في الآيتين الكريمتين 45-46 منها: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ. إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ).
فعبادُ الله المخلَصون هم أولئك الذين واظبوا على ذكر الآخرة وتذكرها، ولم يكونوا من أولئك الذين وصفت حالَهم مع الله تعالى سورةُ يونس (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ. أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (7-8 يونس.).