
في معنى قولِهِ تعالى (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ)
حفظت لنا سورةُ مريم في الآية الكريمة ٣١ منها قولَ سيدِنا المسيح عليه السلام: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ)، فما الذي قصدَ إليه سيدُنا المسيح في قوله هذا؟
يعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ما اختصَّ اللهُ تعالى به سيدَنا المسيح من تأييدٍ ب “روح القدُس” (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) (من ٨٧ البقرة)، (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) (من ١١٠ المائدة). ولقد تجلى هذا التأييدُ الإلهي لسيدنا المسيح ب “روح القدس” آياتٍ معجزاتٍ شهدت له بأنه مُرسَلٌ من عند اللهِ تعالى حقاً (وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (٤٩ آل عمران).
و”روح القدس” هو سيدنا جبريل الذي نزلَ بالقرآن العظيم على قلب سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ) (١٠٢ النحل).
فالتأييدُ الإلهي لسيدِنا المسيح بسيدِنا جبريل هو الذي جعل منه عليه السلام مباركاً أينما حلَّ وارتحل.