
يُصرُ كثيرٌ منا على التعاملِ مع ما جاءنا به قرآنُ الله العظيم وفقاً لما تُمليه عليه نفسُه ويُزَيِّنُه له هواه! وإلا فكيف لنا أن نُعلِّلَ لهذا الإعراض عن تدبر قَصَص قرآنِ الله العظيم اكتفاءاً منا بقراءتِها دون تدبرٍ؟!
لنأخذ قَصَصَ أبينا آدمَ مثالاً على هذا التعاملِ الجائر مع ما جاءنا به قرآنُ الله العظيم من القَصَص. فنحن نقرأُ قَصَصَ أبينا آدمَ كما فصَّلها لنا وبيَّنها قرآنُ الله العظيم دون أن نعتَبِر بما تشتمل عليه من “حكمةٍ بالغةٍ” لو أننا قدرناها حق قدرها لكان حالُنا مع الله تعالى غيرَ ما نحن عليه اليومَ تخبطاً في متاهات الظنونِ والأوهامِ بشأن ما حدثَ فجعلَ الإنسانَ، الذي خلقه الله في “أحسن تقويم”، ينحطُّ فيتردى في غياهب “أسفلِ سافلين”!
فهل يُعقلُ ألا يُضمِّنَ اللهُ تعالى قَصَص أبينا آدم، التي فصلها لنا وبينها قرآنُه العظيم، كلَّ ما من شأنه أن يُجلَّيَ العلةَ من وراءِ هذا الانحطاط من “أحسن تقويم” إلى “أسفل سافلين”؟! فلو أننا تدبرنا ما جاءنا به قرآنُ الله العظيم من قَصَص أبينا آدمَ لتبين لنا أن هذا الذي هو عليه السواد الأعظم من بني آدم، من خروجٍ على قوانينِ الله التي انصاعت لها الطبيعة، لا يمكن أن يكونَ منعدمَ الصلةِ بما حدثَ لأبوينا آدم وزوجه في الجنة التي أسكنهما اللهُ فيها! فواقعُ الحال يُخبرنا بأنْ ليس هناك في هذا الواقعِ، على الإطلاق، ما بمقدوره أن يعلل لهذا الذي عليه الإنسان من انتفاءِ صلةٍ به! فالمقاربةُ التطورية، التي خرج بها علينا داروين وأنصارُه، تُخفق في التعليل لهذا التناشز بين الإنسان والطبيعة التي يزعم هؤلاء أنها أمُّه الرؤوم وأنه إبنُها البار!
يتبين لنا وبتدبر ما تقدم أنه يتعين علينا أن نتدبر قَصَصَ أبينا آدم كما فصلها لنا قرآن الله العظيم، وذلك حتى يكون لنا أن نقدِّمَ الحجةَ على أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عند غير الله أما وأنَّ فيه تبيانَ ذاك الذي حدث في ماضي الإنسان فجعله الإنسانَ الذي نعرفه!