
يُجادلُ أولئك الذين يُصرُّون على قراءة قرآن الله العظيم دون تدبرٍ لآياته الكريمة في آدمَ أبي البشر فيقولون فيه ما يظنون أنه الحقُّ، وما هو بذلك! ذلك لأنهم يقولون بأن آدمَ قد خلقه اللهُ تعالى “خَلقاً لَحَظياً” من تراب هذه الأرض وطينها، وذلك دون أن تشتملَ عمليةُ تخلُّقه على مراحلَ تطورية امتدت أزماناً وأحقاباً لا يعلم مِقدارَها على ما هي عليه حقاً وحقيقة إلا الله!
ولو أن القومَ تمهَّلوا قليلاً، وتريَّثوا، وتدبَّروا ما جاءنا به قرآنُ الله العظيم بهذا الشأن، لتبين لهم أنهم قد حادوا عن صراطِ هذا القرآن الذي ورد فيه قولُ الله تعالى: (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ) (من 7 السجدة).
ثم أن القومَ زادوا الطينَ بِلةً إذ زعموا أن أبانا آدمَ لم يخلقه الله تعالى “خَلقاً تطورياً”، واستدلوا على ذلك بما جاءنا به قرآنُ الله العظيم من أن الله تعالى خلق آدمَ من ترابٍ وطين! فآدمُ، من وجهة نظر القوم، خُلِقَ “خَلقاً لَحَظياً” دون تطورٍ وذلك طالما قال الله تعالى له (كن فيكون)ض!
وبذلك يكون القومُ قد أقاموا الحجة على أنفسهم بأنهم لا يعرفون القرآن العظيم كما يظن واحدهم ويتوهم! فلو أن القومَ استذكروا ما جاءتنا به سورتا الروم والأنعام بهذا الخصوص لانتهى بهم الأمرُ إلى نتيجةٍ هي غيرُ ذي النتيجة التي بها يتشدقون! (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ) (20 الروم)، (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ) (2 الأنعام).
فاللهُ تعالى خلقنا من ترابٍ وطين وإن كان واحدُنا مخلوقاً من أبوين! وهذا هو عينُ ما حدث لأبينا آدمَ الذي كان له أبوان خُلِقا، كما خُلِق هو، من ترابٍ وطين!