
يظن الملحدون أنهم قد أقاموا عليك الحجةَ إن أنت أتيتهم بدليلٍ وبرهانٍ على “أن الله حقٌ وأن القرآن هو من عندِ الله حقاً”، ولم يلقَ هذا الدليلُ والبرهانُ منهم قبولاً أو استحساناً! فالملحدون فرحون بهذا الذي هم عليه من إصرارٍ على غضِّ الطَرف عن أي دليلٍ أو برهانٍ تأتيهم به! فالقومُ قد عقدوا العزم على الإعراض عن أي دليلٍ أو برهانٍ يتعارض مع ما اختاروه شرعةً لهم ومنهاجا! ولقد جعلهم كلُّ ذلك يُصرون على أن يصموا آذانهم فلا يسمعوا لحجتِك طالما كان في ذلك ما يدعوهم إلى أن يُعملوا عقولهم في حجتك هذه إعمالاً يتخوفون أن ينتهي بهم إلى النكوص عن خيارهم بأن يلحدوا في الله وآياته!
ولذلك فلن يُجدي الأمرُ مع الملحدين مهما جئتَهم به من دليلٍ أو برهان على “أن الله حقٌ وأن القرآن هو من عند الله حقاً”! ويكفيك أن تتيقنَ من ذلك بأن تسأل أيَّ ملحدٍ ما الذي يكفيه دليلاً وبرهاناً على “أن الله حقٌ وأن القرآن هو من عند الله حقاً”؟! فالملحدُ ليس بمقدوره على الإطلاق أن يحدد لك طبيعةَ البرهانِ الذي إن أنت أتيته به آمنَ من فوره ب “أن الله حقٌ وأن القرآن هو من عندِ الله حقاً”! وما ذلك إلا لأن الملحدَ ما ألحدَ إلا استجابةً منه لما تأمره به نفسه ويزينه له هواه! فالأمرُ لا علاقة له من قريبٍ أو بعيد بمنطقٍ أو عقلٍ أو غيرِ ذلك مما يظنه الملحدُ علةً تقف من وراءِ إلحاده.
ويكفينا هنا أن نستذكر بعضاً مما جاءنا به قرآن الله العظيم بهذا الخصوص: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (111 الأنعام)، (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) (من 31 الرعد).