
في معنى قولِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم: “ولكنَّ عافيتَك أوسعُ لي”
يُبالغُ كثيرٌ منا في حُسن ظنِّه بنفسه، فتراه يذهبُ في التعشُّقِ لها مذاهباً لم يسبقه إليها عاشقٌ من قبل! وإلا فكيف لنا أن نُعلِّل لهذا الذي يجعلُ واحدَنا يقولُ بأنه لا فرقَ لديه بين أن يُنعِمَ اللهُ عليه من عظيم فضله وبين أن يُحرَمَ فلا يؤتيهِ الله تعالى من فضله شيئاً؟! فالأصلُ في التأدبِ مع الله تعالى هو بأن لا “نفترضَ” حالاتٍ نتصورُ أنفسنا فيها بالكيفيةِ التي نرضى بها عن حالنا مع الله تعالى. فالذين يرضَون عن حالهم مع اللهِ هم أبعدُ الخلق عن رحمة الله. ولو أن هؤلاءِ تدبروا دعاء رسولِ الله صلى الله تعالى عليه وسلم “يومَ الطائف” لتبيَّن لهم ما هم عليه من نفاقٍ استوطن قلوبَهم وأعمى أبصارَهم!
فرسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم دعا اللهَ تعالى فقال:
“إن لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي، ولكنَّ عافيتَك أوسعُ لي”.
فلا يضير العبدَ إذاً أن يشكوَ بثَّه وحزنَه إلى الله فيسألَه أن يُعافيَه بعافيته التي هي وحدها مَن بمقدوره أن يزيحَ عنه الكروبَ والأحزانَ وإن كانت كالجبالِ عِظَماً وجسامة.