
تحدثتُ في المقال السابق عن هذا الذي حبا اللهُ تعالى به المعجزاتِ من قدرةٍ فذةٍ على إلزامِ عقلِ الإنسانِ حَدَّهُ حتى لا يتجاسرَ على الخوضِ في ما لم يُخلَق للتعامل المعرفي معه. وهو هنا البحثُ في مسائلَ ذاتِ صلةٍ بالعلاقةِ بين اللهِ تعالى ومخلوقاتهِ. فالمعجزاتُ سلاحٌ إلهيٌ “متعدد الحدود”، وذلك مقارنةً بما نعرف من سيوفٍ يمتازُ واحدُها بإنه “سلاحٌ ذو حدين”. فالمعجزاتُ في زماننا هذا بمقدورها أن تؤديَ رسالةً يتجدد فحواها ومحتواها كلما استجد ما يقتضي منها ذلك، وذلك بالنظرِ إلى ما يمتازُ به هذا الزمانُ عن الزمانات التي سبقته من أنه يَحفل “بكل ما هو جديد” على مدار الساعة. ولذلك فإنه لمن غير المنطقي أن يخلوَ زمانُنا هذا من المعجزات، والناسُ فيه بأمس الحاجة إلى ما يُعينهم على التشبُّثِ ب “الإيمان” وذلك في مواجهتهم لكل ما يعرِضُ لهم من “جديدٍ” يستفزُ “إيمانَهم” هذا. ولذلك أيضاً كان على رسالةِ سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أن تستمرَ إلى يومنا هذا وحتى قيام الساعة. فسيدُنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أنبأنا بأن “لا نبي بعده”؛ فهو صلى الله تعالى عليه وسلم النبيُ إلى يوم القيامة. ولأن كلَ نبيٍ مُرسَلٍ، من أنبياءِ الله المرسلين مؤيدٌ من اللهِ تعالى بالمعجزات، فلقد توجب أن تستمرَ المعجزاتُ حتى يومنا هذا وإلى قيام الساعة.