“العقلُ العلمي” إذ يريدُنا أن نؤمنَ بميتافيزيقا العلم ونكفرَ بميتافيزيقا القرآن!

يَعيبُ “العقلُ العلمي” على مَن يقولُ بأنَّ القرآنَ العظيم لا يمكنُ أن يكونَ من عندِ غيرِ الله أنَّه، وبقوله هذا، قد حكمَ على نفسِه بأنَّه مناصرٌ للميتافيزيقا وخرافاتِها مُعادٍ للعلمِ ويقينيَّاتِه! وما ذلك إلا لأنَّ النَّصَّ القرآنيَّ المقدس يشتملُ على ما لا قدرةَ للعلمِ الذي بين أيدينا اليوم على أن يتثبَّتَ منه بـ “البرهانِ التجريبي” الذي حكَّمَه “العقلُ العلمي” في كلِّ شيء ظناً منه وتوهُّماً بأنَّ ما لا يثبتُ لدينا أنَّه قابلٌ “لأن يخضعَ لما يشترطُه المنهجُ التحريبي” من ضوابطَ وأحكام، لا يمكنُ أن يكونَّ له وجودٌ على أرضِ الواقع! ولأنَّ القرآنَ العظيم قد ذُكِرَت فيه “الملائكةُ” و”الجن” و”المعجزاتُ”، وغيرُها من مفرداتِ “عالَم الغيب”، فهو لا يمكن إذاً إلا أن يكونَ نظاماً ميتافيزيقياً غيرَ واقعي، ومن ثم “غيرَ حقيقي”!
ولقد فاتَ “العقلَ العلمي” أنَّ اعتراضَه هذا على القرآنِ العظيم تُفنِّدُه وتدحضُهُ الحقيقةُ التي مفادها أنَّ كثيراً من مباحثِ العلمِ لا قيامَ لها دون ما تفترضُهُ من “نظريةٍ ميتافيزيقية” و”كينوناتٍ ميتافيزقية”! فيكفينا أن نستذكرَ أنَّ الفيزياء المعاصرة إن نحن جرَّدناها من هذه “النظرية”، وتلك “الكينونات”، فسوف تتهاوى بلمح البصر! وما “المادةُ المظلمةُ”، التي افترضت وجودَها الفيزياءُ المعاصرة حتى يتسنى لها أن تُعلِّلَ لكثيرٍ من المفارقات التي تكشَّفت في بُنيانِها النظري، إلا مثالٌ على الميتافيزيقا التي أوغلت فيها هذه الفيزياءُ حتى ما عادَ بمقدورِ مَن يدرُسُها أن يُمايزَ بينها وبين أي فلسفةٍ ميتافيزيقية من فلسفاتِ السابقين!
فكيفَ يُريدُنا “العقلُ العلمي” إذاً أن نتبدَّلَ ميتافيزيقا العلم بـ “ميتافيزيقا القرآن”؟! وبأي حقٍّ يُطالبُنا “العقلُ العلمي” بأن نكفرَ بالقرآنِ بحجةِ أنَّه “نظامٌ ميتافيزيقي”، في الوقتِ الذي يُريدُنا أن نؤمنَ بالعلم، وينسى أنَّ بُنيانَه قد أُسِّسَ على شفا جُرُفٍ هارٍ من ميتافيزيقا لا تمتُّ بأي صلةٍ إلى الحقيقةِ والواقع؟!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s