
اختصَّ اللهُ تعالى أياماً بعينِها شرَّفها على باقي الأيام، فسمَّاها قرآنُه العظيم “أيامَ الله”. وقد وردت عبارة “أيام الله” في القرآنِ العظيم مرتين فقط لا غير: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور) (5 إبراهيم)، (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) (من 14 الجاثية).
فما هي “أيامُ اللهِ” هذه؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الأمرَ الإلهي الذي وردَ ذكرُه في الآية الكريمة 5 من سورة إبراهيم أعلاه. فاللهُ تعالى أمرَ سيدَنا موسى بأن يُذكِّرَ قومَه بـ “أيام الله”، وهي الأيامُ التي تجلَّى فيها تدخُّلُ اللهِ المباشر في حياةِ القوم آياتٍ بيِّناتٍ فصَّلها لنا قرآنُ اللهِ العظيم في سياق حديثِه عن آياتِ سيدِنا موسى التسع، والتي منها: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (130 الأعراف) (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ) (133 الأعراف)، (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين. فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ. وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ. وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ. ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (61- 68 الشعراء).
إذاً فـ “أيام الله” هي أيامُ تدخُّلِ الله المباشر في سَيرِ أحداثِ هذه الحياةِ الدنيا، وبما يُجلِّي ما للهِ من سلطةٍ قاهرةٍ على مفرداتِها كلِّها جميعاً قوانينَ وأسباباً ومخلوقاتٍ شتى: ملائكةً وجِناً وإنساً وغيرَ ذلك خلقاً كثيراً.
ولقد عظَّمَ اللهُ تعالى “أيامَه” التي اختصَّها دوناً عن غيرِها من الأيام تعظيماً يكفينا حتى نتبيَّنَ ما يُسِّرَ لنا منه أن نستذكرَ العِلةَ من وراءِ خلقِ اللهِ تعالى سمواتٍ سبع وأرضين سبع (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) (من 12 الطلاق). فاللهُ تعالى عظَّمَ يومَ استوائه على العرش، وهو اليوم السابع من بعدِ إتمامِ خلقِ السمواتِ والأرض في ستةِ أيام (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش) (من 3 يونس)،
ممكن امثله للتدخل الغير مباشر من الله عزوجل؟
إعجابإعجاب