
يشدِّدُ القرآنُ العظيم على أنَّ عِدةَ أصحابِ الكهف لا يعلمُها إلا قليل من الناس (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) (من 22 الكهف). وجاء هذا التشديدُ القرآني ختامَ تبيانٍ إلهي لما كان الناسُ مختلفين فيه بشأنِ أصحابِ الكهف كم كان عددُهم (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) (من 22 الكهف).
إذاً فأصحاب الكهف هم إما “ثلاثةٌ” أو “خمسةٌ” أو “سبعة”. ونحن إن تدبَّرنا القرآنَ العظيم، فلن يكونَ بالعسيرِ علينا أن نتبيَّنَ أنَّ اللهَ تعالى هو مَن “يختارُ” مَن يشاء من عبادِه لما يشاء من أمرِه. ولذلك فلم يكن “بِدعةً من أمرِ الله” أن يُحدِّدَ اللهُ عِدَّةَ أصحابِ الكهف فيجعلَهم سبعة، وذلك لما لهذا العدد من قَدرٍ عظيمٍ جليلٍ عنده تعالى.
وكنتُ قد تحدثتُ في أكثرِ من منشور عن العلةِ من وراءِ هذا القدر العظيم الجليل للعدد سبعة، وعن أنَّ الأمرَ ذو صلةٍ باستواءِ اللهِ تعالى على العرش في اليوم السابع من بعد انقضاء الأيام الست التي خلق فيهن السموات والأرض (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (من 4 السجدة).