في معنى الآية الكريمة 17 الحج

تُبرهِنُ القراءةُ التقليدية لكثيرٍ من آياتِ القرآنِ العظيم على أنَّها تُخفِقُ في تمكين القارئ من الوقوع على المعنى الذي تنطوي عليه هذه الآيات؛ هذا المعنى الذي كنا لنحيطَ به لو أنَّنا استعضنا عن تلك القراءة بقراءةٍ تحرصُ على تدبُّرِ هذه الآيات. وهل هناك أدلُّ على هذا الإخفاق من هذا الذي انتهت إليه هذه القراءةُ اضطراراً للقائم بها إلى إطلاقِ أحكامٍ نهائيةٍ ناجزةٍ قاطعة بشأنِ مَن لا يملكُ أن يقولَ القولَ الفصلَ فيهم إلا اللهُ الذي جعلَ هذا الحكمَ مقتصراً عليه وحده لا شريكَ له؟
ومن ذلك هذا الذي يقولُ به المُصِرُّونَ على قراءةِ النَّصِّ القرآني المقدس دون تدبُّرٍ لآياتِه الكريمة من أنَّ بمقدورِهم أن يحكموا على “غيرِ المسلمين” بالهلاكِ الأبدي لا لشيء إلا لأنهم “غير مسلمين”! ألا يدل هذا الذي يقولُ به هؤلاء على جهالتهم بقرآنِ اللهِ العظيم الذي نقرأ فيه ما نصُّه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (17 الحج)؟ فاللهُ تعالى يُخبرنا في هذه الآية الكريمة أنَّه وحدَه مَن له أن يحكمَ بين عبادِه، وأنَّ حكمَه هذا مؤجَّلٌ بأجَلِ يوم القيامة.
ألا فليتَّعظ كلُّ مَن يُؤثِرُ المسارعةَ في الحكمِ على الناس المخالفين له في المعتقد على الإنصاتِ لما أنبأنا به قرآنُ اللهِ العظيم الذي وردَ فيه فصلُ الخطابِ بشأنِ ما يختلفُ عليه الناسُ في هذه الحياةِ الدنيا ديناً ومعتقداً!

أضف تعليق