
لماذا قال سيدُنا هود عليه السلام لقومه ما حفظته لنا سورةُ هود في الآية الكريمة 55 منها (فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ)؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نتدبَّرَ ما يعنيهِ قولُ سيِّدُنا هود هذا لقومه. فسيدُنا هود كان يتحدى القومَ أن يفعلوا ما يشاؤون حتى يحولوا بينَه وبين قيامِهِ بما أمرَهُ اللهُ تعالى به من تبليغٍ لرسالات ربِّه إن استطاعوا! وهذه الثقةُ التي كان يتحدثُ بها سيدُنا هود إلى قومِه مؤسَّسةٌ على ما كان عليه السلام واثقاً منه من أنَّ اللهَ تعالى ناصرُه على قومِه مهما حشَّدوا له وأعدُّوا من كيدٍ أنبأتنا سورةُ إبراهيم بشأنه في آيتِها الكريمة 46 (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ).
وهذا يُذكِّرُنا بما جاءتنا به سورةُ المائدة في آيتِها الكريمة 67 (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ). فاللهُ تعالى أخبرَ رسولَه الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يُبلِّغَ رسالتَه التي أكَّدَ له بشأنها أنه في مأمنٍ من كيدِ أعدائه طالما كان اللهُ قد تعهَّدَ بأن يعصمَه منهم فلا يجعل لهم عليه صلى الله تعالى عليه وسلم سبيلاً.