ذكرتُ في العديدِ من منشوراتِ هذه الصفحة أنَّ كثيراً من كلماتِ القرآن العظيم تنطوي الواحدةُ منها على أكثرِ من معنى، وأنَّ هذا المعنى يتغايرُ بتغايُرِ السياقِ الذي ترد فيه. ومن هذه الكلمات القرآنيةِ الجليلة كلمة “الكتاب”. فمن بين المعاني التي تتجلى بها، وتنطوي عليها، هذه الكلمة الكريمة ما هو ذو صلةٍ بالقرآنِ العظيم إذ هو كتابُ الله الذي أنزله على سيدِنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا) (1 الكهف)، (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون) (155 الأنعام).
وتجيء كلمة “الكتاب” أيضاً في القرآن العظيم في سياق الحديث عن الكتاب الذي أنزله اللهُ تعالى على مَن سبق سيدَنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم من أنبيائِه المُرسَلين، ومن ذلك ما بوسعِنا أن نتبيَّنه بتدبُّرِنا الآياتِ القرآنيةِ الكريمة التي يردُ فيها مصطلح “أهل الكتاب”: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون) (46 العنكبوت)، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) (من 64 آل عمران).
وهذا هو ما بوسعِنا أن نتبيَّنه بتدبُّر ما جاءتنا به سورةُ الأنعام في آيتِها الكريمة 114 (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ). فالكتابُ الذي ذُكِرَ مستهلَّ هذه الآية الكريمة هو القرآنُ العظيم، أما الكتاب الذي اختُتمت به هذه الآيةُ الكريمة فهو التوارة والإنجيل.