
خاطبَ اللهُ “الذين آمنوا” في القرآنِ العظيم بهذه الصيغة الجليلة 89 مرة. ويُخطِئُ كلُّ مَن يظنُّ أنَّ خطابَ اللهِ هذا مُوجَّهٌ إلى “المؤمنين” منهم دون “المؤمنات”. فالقرآنُ العظيم نزلَ بلسانٍ عربيٍّ مُبين يتمايزُ عن لسانِنا الذي اعوَجَّ مع مرورِ الأيام حتى أصبحنا نَقصرُ عبارة “الذين آمنوا” على الرجال منهم دون النساء!
ولأننا مأمورون بأن نتدبَّرَ القرآنَ العظيم، فإنَّ التزامَنا بتنفيذِ أمرِ اللهِ تعالى هذا لنا يقتضي منا وجوبَ أن نقرأَه بلسانِه العربي المبين، وذلك حتى لا ينتهي بنا الأمرُ إلى الوقوعِ على غيرِ المعنى الذي تنطوي عليهِ آياتُه الكريمة التي لا سبيلَ هنالك على الإطلاق لتبيُّنِ معناها هذا إلا بأن نتدبَّرَها فنقرأَها بلسانِ القرآنِ العربي المبين.
فلسانُ القرآنِ العربي المبين يقتضي منا ضرورةَ أن نُدركَ أنَّ مقصدَ اللهِ تعالى بقولِه عزَّ من قائل “يا أيها الذين آمنوا” هو عموم “المؤمنين” و”المؤمنات” وليس “المؤمنين” فحسب. ويكفينا في هذا السياق أن نتدبَّر ماجاءتنا به سورةُ التحريم في آيتَيها الكريمتين 10- 11 (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). فهل يُعقل أن يضربَ اللهُ مثلاً للذين آمنوا في هاتين الآيتين الكريمتَين، اللتين تتحدثان عن اثنتَين من النساء، ويكونَ مقصدُه تعالى هو “المؤمنين” فحسب؟!